حوار أديان

كلمة إلى شيوخ الجماعات الإسلامية


كلمة إلى شيوخ الجماعات الإسلامية

كان لابد من وقفة الآن.. لما يقوم به العديد من شيوخ السلفيين فى الفترة الأخيرة من إعتلاء المنابر من أجل الدعاية الإنتخابية, داعين إلى إنتخاب من يعلى كلمة الله, وعدم إنتخاب الليبرالييبن والعلمانيين.
للأسف فهم لا يعلمون من هو الليبرالى ومن هو العلمانى, ويستغلون جهل الناس البسطاء من أجل تكفير هؤلاء الليبراليين والعلمانيين مثلما فعلوا فى السابق فى عهد ثورة يوليو 1952م عندما إدعوا أن الديمقراطية كفر (وعاد أحد شيوخهم منذ فترة قريبة ليردد نفس الكلام القديم).
فما هى الليبرالية ومن هم الليبراليون؟؟؟
الليبرالية Liberalism: هى فلسفة سياسية تؤكد على الحرية الفردية وإتاحة الفرصة بالتساوى أمام الجميع. وقد طورت عبر تاريخها ثلاث مراحل هى: إتاحة الفرصة لكل الأفراد للإعلان عن مطالبهم وإحتياجاتهم مع الإقرار بحرية الحديث وحرية التعبير وحرية الإجتماع, ووجود أحزاب متنافسة تعطى للناخبين حرية الإختيار من بين عدة مرشحين, ويتم إختيار الحكومة بناء على قاعدة الأغلبية, ووجود شبكة موسعة من جماعات المصالح تحمى مصالح الأفراد فى مختلف القطاعات.
وتقبل الليبرالية الحديثة بتدخل الدولة فى الإقتصاد وتنادى بدور فعال للحكومة فى القضايا الإجتماعية. ويركز الليبراليون على أساس أن للأفراد إحتياجات وأهدافاً إقتصادية يسعون أولاً وقبل كل شئ إلى تحقيقها.

وبالتالى فالليبرالى هو من يدعو إلى الحرية الفردية وإتاحة الفرصة بالتساوى أمام الجميع.
والليبراليين فى مصر هم من وقفوا فى ميدان التحرير لمدة ثمانية عشر يوماً لخلع نظام مبارك الفاسد.. بينما كان شيوخ السلفيين يكفرونهم بدعوى عدم الخروج على الحاكم.. والآن يهاجمون كل من النظام السابق بدعوى أنه كان نظام فاسد.. وفى ذات الوقت يهاجمون شباب التحرير بدعوى أنهم ليبراليون كفرة.. حقاً: منتهى الإزداوجية.

الليبرالى ليس كافر: الليبرالى يدعوا إلى الحرية  الفردية وإتاحة الفرصة بالتساوى أما الجميع.. وبالتالى فقد نجد شخص يتمتع بهذه الصفات ويكون مسلماً يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ويصلى ويصوم ويؤدى زكاته ويحج إن إستطاع إلى الحج سبيلاً.. وشخص آخر ليبرالى مسيحى وآخر يهودى وآخر يؤمن بأديان وضعية كالبوذية والكنفوشيوسية وآخرون لا يؤمنون بدين.. والحمد لله فنحن فى مصر إما مسلمون وإما مسيحيون.. فليس بيننا من هو كافر أو ملحد أو يؤمن بأديان وضعية, ولكننا جميعاً فى مصر أهل كتاب (مسلمون وميسيحيون).

ومثلما الليبرالى يدعوا للحرية (سواء كان مسلماً أو مسيحياً أو من أى دين) فكذلك فالعلمانى أيضاً يدعو لفصل سلطة المؤسسة الدينية (وليس الدين) عن إدارة شئون الدولة وبالتالى فقد تجد دولة إسلامية علمانية وأخرى مسيحية علمانية.. إلخ.. ولعلنا نجد نماذج لذلك فى فرنسا حيث قد نجدهم يمنعون كل ما يدل على الدين مثل تغطية الشعر بالحجاب أو تغطية الوجه بالنقاب بينما نجد فى أمريكا حرية مبالغ فيها حتى فى الدين بحيث قد تجد من ترتدى الحجاب ومن ترتدى النقاب ومن تمشى فى الشوارع بالملابس الداخلية أو حتى بدونها.. ونجد فى تركيا مثالاً آخر للدولة العلمانية التى نرى فيها زوجة رئيس الوزراء التركى تغطى شعرها فى صورة رائعة للمجتمع الإسلامى العلمانى الليبرالى المتحضر.
●▬▬▬▬▬▬▬▬●۩۞۩●▬▬▬▬▬▬▬▬●

وهنا يجب أن أوضح أن العلمانيين والليبراليين ليسوا كفاراً.. فهم (سواء مسلمون أو مسيحيون هم أصحاب فكر سياسى).. أو بمعنى أوضح رجل مسلم أو رجل مسيحى يمارس السياسة.. وبالتالى فلا يحق لكم تكفيرهم.. كما لا يحق لأحد على الأرض أن يكفر شخصاً آخر.. فهذا الحق بيد الله وحده.. حيث يقول القرآن الكريم: (إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شيء شهيد) [الحج: 17].. ويقول الحديث النبوى الشريف: (أيما امرئ قال لأخيه: يا كافر. فقد باء بها أحدهما).. وبالتالى فإن الله وحده هو من يفصل فى مسألة الكفر والإيمان.
●▬▬▬▬▬▬▬▬●۩۞۩●▬▬▬▬▬▬▬▬●

وعن رأى الإمام محمد متولى الشعراوى فى العلمانية نقرأ من كتابه الفتاوى تحت عنوان الإسلام والعلمانية

س: ما معنى مصطلح (العلمانية) الذى ظهر فى المعجم الحديث لهندسة المجتمع؟
الجواب: نريد أن نناقش أولاً كلمة (علمانية) كى أبين أيضاً أنهم مخطئون, ومضللون فى هذه التسمية.
ما معنى كلمة علمانية؟ معناها أنها تسير فى أقضيتها وفى كل مجالاتها على وفق ما يجئ به العلم. فما هو العلم؟ العلم قضية يقينية, ويمكن أن أقيم عليها الدليل؟ إذن كلمة علمانية لا تأتى مطلقاً فى الأمور المادية. وفى الأمر المادى التجربة لا تجامل.. لكن الأمر النظر كيف يكون يقينا؟ لا يمكن.
ونقول لهم: أنتم تقولون: علمانية بمعنى ليست دينية, ومن الذى قال: إن الدين ليس علمانياً؟ الدين علمانى فى مجال العلم الذى يؤتى قضية يقينية لا خلاف عليها, فى الأمور المادية, وما جاء دين, وخاصة الإسلام, ليناهض العلمانية بل هى فيه بأوسع معانى الكلمة, وإنما أنت أردت أن تقحم كلمة علمانية على شئ لا يدخل فى قضية العلم, وهى الأمر النظر, تريد أن تحول الأمر النظرى إلى علم, فنقول فى ذلك: إن هذا ليس علماً, لأنه ليس قضية يقينية, فالخطأ أنك أردت بالمقابلة (دولة علمانية) فى مقابل (الدولة الدينية) فنقول: إن المقارنة خطأ. لأن الدين وخاصة الإسلام جاء للعلم.. ولكنه يضع العلم فى مجاله الذى يجلو فيه القضايا اليقينية والحقيقية.
والعلمانية الصحيحة الخاضعة للعلم التجريبى لا تناقض الدين. والرسول عليه الصلاة والسلام جاء بالأمور التى يمكن أن تختلف فيها الأهواء, وقرر فيها رأى الدين فلا إجتهاد فيها, والأمور التى تخضع للتجربة لم يتكلم فيها بشئ.
يعنى بها أن الأمور العلمية التى يكون الحكم فيها للتجربة لا لكلام أحد, ورسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن لا نأخد الأمور التجريبية من فم أى أحد إلا من التجربة نفسها, أما الأمور التى لا تجربة فيها فخذوا رأيها من عندى.
(وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [الأنعام:153], (وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ) (المؤمنون:71). فالعلمانية لا تقابل الدين.
والعلمانية فى مجالها الصحيح هى مع الإسلام, وإنما الإسلام ضد العلمانية فى غير مجالها إلا أنكم طرحتم قضية العلم فى قضية الأهواء.. والأهواء لا تعطى علماً. أما بخصوص التضاد فى حقيقة الأصل, فهو غير موجود بين العلمانية بمفهومها الصحيح وبين الإسلام.

صفحة 221 و 222 من كتاب (الفتاوى) لفضيلة الشيخ محمد متولى الشعراوى.. صادر عن دار التوفيقية للتراث
●▬▬▬▬▬▬▬▬●۩۞۩●▬▬▬▬▬▬▬▬●

أهل الإختصاص.. والسلفيين:
رغم إعتراضى على فكرة تكوين جماعات إسلامية.. (وسأشرح أسباب ذلك بالتفصيل فى السطور القادمة).. إلا أن الميزة الوحيدة فى جماعة الإخوان المسلمين والتى تحسب لها.. هى أنهم أتوا بأشخاص مختصون.. وذى مكانة علمية فى المجتمع فمنهم دكاترة بكلية التجارة ودكاترة بكليات الطب والزراعة... إلخ.. فلا تجد بينهم من هو مؤهل متوسط أن دون ذلك.. كلهم ذات مكانة علمية عالية يمكنهم أن يناقشوا أحوال هذه البلاد بكفاءة.. فماذا عن أصحاب الجماعات السلفية؟؟؟
يبدوا أن الجماعات السلفية لم تجد بينهم من هو ذو مكانة علمية كبيرة فأتوا بمجموعة من الشيوخ الملتحين الحاصلين على المؤهلات المتوسطة.. فنجد بعضهم دبلوم تجارة وآخر معه شهادة الإعدادية.. وآخر يادوب بيفك الخط.. وحافظ قرآن وسنة.. فهل هذه هى المؤهلات التى إرتأتها الجماعات السلفية فى من سيدخلون إلى المجلس الموقر.. وكيف لأمثال هؤلاء أن يناقشوا قضايا هذه الأمة المختلفة من مشاكل البطالة والإنتاج ونقص الرقعة الزراعية وزيادة السكان.. والقضايا الخارجية مثل مشاكل دول حوض النيل.. ومشكلة تعطل السلام الإسرائيلى الفلسطينى.. إلخ..
بعد أن كنا نتمنى أن يصدر قانون بمنع أى شخص غير حاصل على مؤهل عالى إلى مجلس الشعب.. وجدنا الجماعات السلفية يقومون بترشيح أشخاص ليس لهم أى قيمة علمية سوى فى الدين فقط.. والحياة ليست دين فقط.. ولكنها دين ومجالات أخرى.. وهذا ما لا تدركه الجماعات السلفية.. وللأسف فإن أمثال هؤلاء سينجحون وقد يكتسون لأن ورائهم جهلاء مثلهم سينتخبونهم بدعوى أن ذلك لإعلاء كلمة الله وتطبيق شرع الله فى الأرض.. وكأن من هم غيرهم ليسوا إلا كفار لا يطبقون شرع الله.
●▬▬▬▬▬▬▬▬●۩۞۩●▬▬▬▬▬▬▬▬●

تفرق الأمة الإسلامية إلى جماعات:
وأقول مرة أخرى لشيوخ السلفية: هل الإنشقاق عن المجتمع الإسلامى المصرى والقيام بإنشاء جماعات دينية هو من الإسلام؟؟؟
لقد قام الرسول صلى الله عليه وسلم بالزواج من قبائل متعددة لتوحيد القبائل.. فماذا فعل المسلمون بعد وفاة الرسول؟؟؟
لقد قام المسلمون إلى الإنقسام إلى سنة وشيعة.. وبينما ظل السنة متمسكون إلى بعض الوقت.. فقد إنقسم الشيعة إلى العديد من الفرق منها العلوية والزيدية والإسماعيلية والخوارج... إلخ.
ثم ما لبث إن إنقسم السنة أيضاً إلى مذاهب.. فقد ظهر مجموعة من الأئمة كانوا فقهاء عصورهم.. كان لكل منهم آراؤه الفقهية المختلفة عن الآخر.. ورغم أن الهدف من إجتهاداتهم الدينية كان من أجل توضيح الدين فقط.. ولك يطالبوا بعمل مذاهب لهم.. فقد قسم الناس إلى مذاهب بناء على إجتهاد هؤلاء العلماء.. وهؤلاء العلماء هم:
1- الإمام زين العابدين بن على (38 - 94 هـ) الذى ينتسب إليه المذهب الزيدى.
2- الإمام جعفر الصادق (80 - 148 هـ) رأس الشيعة الإمامية الجعفرية.
3- الإمام أبو حنيفة النعمان (80 - 150 هـ) وقد تتلمذ على يد الإمام زين العابدين بن على الذى ينتسب إليه المذهب الزيدى
4- الإمام مالك بن أنس (93 - 179 هـ) وقد تتلمذ على يد الإمام جعفر الصادق رأس الشيعة الإمامية الجعفرية.
5- الإمام الليث بن سعد (94 - 175 هـ)
6- الإمام محمد بن إدريس الشافعى (150 - 204 هـ) وقد تتلمذ على يد الإمام مالك بن أنس وجمع ما تبقى من فقه الليث بن سعد إمام مصر.
7- الإمام أحمد بن حنبل (163 - 241 هـ)
8- الإمام إبن حزم الأندلسى (384 - 457 هـ) وهو صاحب المذهب الظاهرى بالأندلس
9- الإمام العز بن عبد السلام (578 - 660 هـ)
وقد فقدت كتب فقه بعض هؤلاء الأئمة ولم يتم الإهتمام بالعض الآخر حتى أصبحت المذاهب أربعة مذاهب فقط بالنسبة لأهل السنة وهى:
1- المذهب الحنفى نسبة للإمام أبو حنيفة النعمان.
2- المذهب المالكى نسبة للإمام مالك.
3- المذهب الشافعى نسبة للإمام محمد بن إدريس الشافعى.
4- المذهب الحنبلى نسبة للإمام أحمد بن حنبل.
ورغم إختلاف المذاهب.. فلم يقم أصحابها بالدعوى إلى مذهبه دون غيره.. بل كان مذهبه عبارة عن إجتهاد فقط تأخذ به أو بغيره.. إلا أن الناس قد قسموها إلى مذاهب.. وأصبحت هناك حروباً مذهبية بين تلاميذ هؤلاء الأئمة, فأصبح كل تابع لمذهب يدعى أنه مذهبه الصواب وأن الآخرون على خطأ.. إلا أن إتضح لهم أن إختلاف الآراء لم يكن الهدف منه الإختلاف بين الناس, ولكنه لم يكن أكثر من إختلاف فى طريقة البحث وطريقة التفكير وأن كل رأى قد يكون صواب وقد يكون خطأ.. فأصبح تكامل بين المذاهب المختلفة, فلا نجد الآن ما يسمى بشيخ مالكى أو شيخ حنفى.. إلخ.. ولكن أصبح الشيوخ يدرسون كتب الفقه الأربع.. ويجتهدون هم أيضاً فى إختيار الأنسب والأوفق حسب إجتهاده.
لقد إنقسم المسلمون بعد وفاة الرسول إلى سنة وإلى شيعة والشيعة إنقسموا إلى فرق متعددة.. والسنة من بعدهم إنقسموا إلى مذاهب إلى أن إتحدوا بعد ذلك.. والآن السنة ينقسمون إلى جماعات وكل جماعة تدعى أنها على الصواب وأن الآخرون على خطأ مثلما كان يفعل تلاميذ علماء المذاهب, فهل لهذا الإنقسام من آخر؟؟؟
●▬▬▬▬▬▬▬▬●۩۞۩●▬▬▬▬▬▬▬▬●

والسؤال الأن هو عن شرعية الجماعات فى مصر؟؟
يقول الله عز وجل فى القرآن الكريم: (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ).. فهل تفرق التيار الإسلامية إلى جماعات هو إعتصام وعدم تفرق.. متى يمكن أن يكون هناك جماعات إسلامية؟؟ يكون ذلك حينما تكون الدولة غير إسلامية ويريد كل مجموعة من المسلمين فى منطقة معينة عمل تجمع إسلامى (وليس جماعة) حيث يقوم هذا التجمع بالإجتماع فى مسجد واحد ودراسة شئون الدين دون أن يكون هناك قائد لهذا التجمع الإسلامى.. ولكن عندما تكون الدولة فى الأساس إسلامية.. فلماذا تقوم جماعة إسلامية؟؟ لماذا يتم إقتطاع جزء من الكتلة الإسلامية الكبيرة وهم المسلمون فى مصر لعمل جماعة لها أهدافها الخاصة؟؟ لماذا لا يقوموا بمناقشة أمور الدين تحت سقف إسلامى واحد وتكون المناقشة والإختلاف فى الرأى على مستوى الدين فقط وليس على مستوى الدين والجماعات المختلفة؟؟ فحينما تكون مناقشة الأمور الدينية على مستوى الدين فقط ويكون هناك إختلاف ما, فإن لكل مسلم أن يختار النهج الذى سيسير عليه.. أما عندما يكون الإختلاف على مستوى الجماعات فإنه من السهل جداً حدوث التنازع بين الجماعات وقد يصل الأمر إلى تخطئة بعض الجماعات لبعضها وقد يصل الأمر إلى التكفير..
يقول الله عز وجل فى كتابه الكريم: (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ).. وإقتطاع كل فئة لجزء من المسلمين وتسميتهم بجماعة معينة هو عصيان صريح لنص الآية القرآنية.. ومن هنا لا أطالب النظام السياسى بحل هذه الجماعات فحلها من خلال النظام السياسى سيكون من خلال إعتقال قادتها لحل جماعاتها وهذا لا نرضى به.. ولكن أرجوا من قادة هذه الجماعات لصالح الإسلام والمسلمين أن يقوموا بحل جماعاتهم.. ولا يتمسكوا بكراسيهم مثلما يتمسك الحكام بكراسيهم.. وأن يعلموا أن هذا فى صالح الإسلام والمسلمين.. فيجب مناقشة أمور الدين تحت سقف إسلامى واحد.. فلا نقول : (الشيخ فلان شيخ الإخوان المسلمين) ولكن نقول: (الشيخ فلان شيخ المسلمين).. ولا نقول: (الشيخ فلان شيخ جماعة أهل السنة) ولكن نقول: (الشيخ فلان شيخ المسلمين).. وهكذا..

المشكلة فى الجماعات السلفية أنهم جماعات يحركهم عقل مدبر كما يريد.. والإسلام ضد قيام الجماعات فالقرآن الكريم يقول: (وإعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا)... أما ما يحدث فهو تفرقة للدين وليس تجميع.. كل واحد يأخذ مجموعة من المسلمين ويسميهم (جماعة).. حتى ظهر عندنا العديد من الجماعات مثل الإخوان المسلمين وجماعات السلفيين وهى كثيرة ومنها: جماعة الجهاد وجماعة أهل السنة وغيرها... فأين إذاً (الإعتصام بحبل الله وعدم التفرق)؟؟؟... إذا كان هناك من يريد الدعوة فليدعوا إلى وجه الله تعالى دون إنشاء جماعة.. ولكنهم لا يريدون الدعوة لوجه الله بل يريدون مصالحهم الشخصية ولذلك يقومون بإنشاء الجماعات حتى يمكنهم السيطرة على من فيها والتحكم فيهم.. وبذلك فالتسمية الصحيحة للجماعات هى (الفرق) وليس الجماعات فهى تفريق للدين.. وبالتالى فعلينا أن نضع الأمور فى نصابها الصحيح وأن نسميهم بالفرق كما ذكرت.. كأن نقول: (فرقة الإخوان المسلمين) وليس (جماعة الإخوان المسلمين).. (فرقة أهل السنة) وليس (جماعة أهل السنة).. (فرقة الجهاد) وليس (جماعة الجهاد)..
●▬▬▬▬▬▬▬▬●۩۞۩●▬▬▬▬▬▬▬▬●

رأى الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين فى الجماعات الإسلامية:
السؤال: ما حكم الانتساب إلى الجماعات الإسلامية الموجودة الآن فى الساحة؟ ونريد خطوطاً واضحة فى التعامل معها؟

الجواب: أولاً: يا أخي! أنا لا أقر ولا أوافق على التكتل الدينى, بمعنى: أن كل حزب يرى نفسَه أنه منفرد عن الآخرين؛ لأن هذا يدخل فى قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِى شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ [الأنعام:159]. ولهذا تجد هؤلاء المتفرقين عندهم من كراهة بعضهم لبعض أشد من كرههم للفاسقين الذين يعلنون بفسقهم -كما نسمع- حتى إن بعضهم يضلل الآخر ويكفِّره بدون سبب للتكفير. فأنا لا أرى التكتُّل والتحزب الدينى, وأرى أنه يجب محو هذه الأحزاب، وأن نكون كما كان الصحابة رضى الله عنهم عليه؛ أمة واحدة، ومن أخطأ منا فى طريق عَقَدى أو قولى أو فعلى فعلينا أن ننصحه وندله إلى الحق، فإن اهتدى فهذا المطلوب، وإن كان الصواب معه وجَبَ علينا الرجوع إلى ما كان عليه هو، وإذا كان الصواب معنا وأصَرَّ على ما هو عليه بلا تأويل سائغ، فحينئذ نحذر من رأيه ومما ذهب إليه دون أن نعتقد أننا فى حزب وهو فى حزب، فنشطِّر الأمة الإسلامية إلى شطرين أو أكثر. فأرى أنه ينبغى لنا بل يجب علينا أن نكون ضد هذه الأحزاب، أي: ضد التحزب. والحمد لله! الأمة كما اتفق أولها على جادَّة واحدة وطريق واحد فيمكن أن يتفق آخرها.

 السائل: فهل تحذِّر من هذه الأحزاب؟!
الشيخ: لا. أنا أحذِّر من التحزب.

السائل: ولكن واقع الأحزاب بنفس هذا المعنى!
الشيخ: لا؛ لأنى لو قلت: أحد الأحزاب فقد يكون هذا الحزب على حق، فلا أحذِّر منه، بل أحذِّر من التحزب، وأرى أنه يجب على مَن يقال عنهم: إن هؤلاء من التبليغ ، وهؤلاء من الإخوان ، وهؤلاء من السَّلَفية ، وهؤلاء من الإصلاح ، وما أشبه ذلك، أرى أنه يجب أن يجتمع بعضُهم إلى بعض، وأن يتدارسوا الأمر، وأن يخرجوا بفكر واحد ورأى واحد. أما أن يتعادَوا الآن كما هو فى الساحة؛ فتجد هؤلاء يسبون هؤلاء، ويقعون فى أعراضهم، فهذا يُوْهِنُ الجميع. فالعامة إذا رأوا أنهم فى عمىً؛ هذا يقول: الحق عندى, والباطل مع ذاك، وذاك يقول: الحق عندى, والباطل مع الآخر، فإنها تبقى متحيِّرة. السائل: بِمَ تنصح طالب العلم اليوم؟ فهذا موضوع مهم ويحتاج إلى فتوى صريحة؛ لأن الشباب تفرقوا! الشيخ: أنا الآن أعطيتك فتوى صريحة: فأنا أرى أنه لا يجوز التحزب أبداً.

السائل: وبالنسبة للانتساب يا شيخ؟!
الشيخ: ولا الانتساب، فالانتساب معناه: أنك تشعر بأنك منفرد عن الآخرين، وكيف تنفرد عن الآخرين وهم إخوانك من المؤمنين إذا ما أخطئوا فى شيء عَمَلى أو عَقَدى, إذْ الذى ينبغى عليك أن تجتمع بهم وتناقشهم وتبين لهم الخطأ. لكن ثق بأنهم إذا سمعوا -مثلاً- أن الآخرين يقدحون فيهم أو يحذِّرون منهم، فسيزداد تمسكهم بما هم عليه، حتى وإن كان باطلاً، فهذه طبيعة النفس البشرية. ولكن لو أننا قلنا: يا جماعة! كلنا إخوان مسلمون، كلنا نريد الوصول إلى شريعة الله، فلنكن عليها سواءً، فإذا كان الله عزَّ وجلَّ يقول: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً [آل عمران:64] فكيف بإخواننا المسلمين؟! فمثلاًَ: التبليغيون: عندهم قاعدة: أن يخرج الإنسان ثلاثة أيام، أو أربعة، أو أسبوعاً، أو شهراً، فنبحث هذه الطريقة، وننظر ما هى؟ وعندهم كذلك: عدم الخوض فى المسائل العلمية، والتعمق فيها، فنبحث معهم، ونقول: لماذا تقررون ثلاثة أيام، أو أربعة، أو أسبوعاً، أو شهراً، أو ما أشبه ذلك؟ لماذا؟ وننظر إذا كان لهم غرضٌ صحيح ومقصودٌ نافع، فلا نذهب لنُبَدِّعَهم، ونشهِّرَ بهم من أجل ذلك. وإذا كانوا يكرهون المناقشة فى العلم والتعمق فيه، نسألهم: لماذا؟ فإن قالوا: لئلا تحصل عداوة بين المتناقشين، قلنا: هذا غلط، فالإنسان الذى يريد الحق لو ناقشه غيرُه للوصول إلى الحق لا يكرهه، بل يقول: هذا من نعمة الله على أن أحداً يناقشني؛ حتى إذا كنتُ على خطأ تبيَّن لى خطئى.

لقاء الباب المفتوح للشيخ ابن عثيمين رقم 45
●▬▬▬▬▬▬▬▬●۩۞۩●▬▬▬▬▬▬▬▬●

هذا عن رأى الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين فى الجماعات الإسلامية فماذا عن رأى الشيخ محمد متولى الشعراوى؟
رأى الشيخ محمد متولى الشعراوى فى الجماعات الإسلامية والدولة
من كتاب الفتاوى للشيخ محمد متولى الشعراوى:
س: فضيلة الإمام الشعراوى الجماعات الإسلامية, الإسم الذى يتردد كثيراًَ الآن, هل هو ظاهرة صحية, بعد أن بـَعـُد المسلمون عن تعاليم دينهم الحنيف؟
الجواب: "جماعة إسلامية" سُـبـَّة فى الدولة, وليست ظاهرة طيبة, ولكن من الممكن أن نعتبرها ظاهرة صحية من ناحية, وظاهرة مرضية من ناحية أخرى.
صحية: فى يقظة الأفراد وإلتفاتهم لدينهم.
مرضية: فى الدولة التى نشأت فيها الجماعات الإسلامية.
لماذا إستطاعت كل دولة أن تحافظ على النظام الذى إرتضته نظاماً أو منهجاً للحكم, ولو كان نظاماً بشرياً ولا تسمح بأن يشذ على هذا النظام؟
إذن عندها القدرة على أن تلزم الناس على النظام, وأى نظام! فما الذى لا يعجبها فى نظام الله حتى لا تلزم الناس به؟ إن خروج الدولة عن هذا المعنى, هو الذى أوجد البيئة والمناخ لوجود هذه الجماعات, لعدم وجود دولة, تتجه على المعنى العام, المهم هو القدوة فهذه الجماعات لا نجد ما يقولون به, لا باطل كل ولا حق كله, فهم إذا إتهموا الدولة بأنها لا تسير على نظام الإسلام, هل نقول لهم: لا, الدولة تطبق نظام الإسلام, لكن إذا تطرف ما يقولون به إلى نواح أخرى.
نقول لهم: أنتم متعصبون للإسلام, فهمتهم شيئاً فى الإسلام وغابت عنكم أشياء! وأدخلتم أنفسكم فى متاهة. إن الجماعات الإسلامية يقولون: الإنسان مخلوق للعبادة للصلاة, للصوم, للزكاة, ويجلسون هكذا.
نرد عليهم قائلين: معنى العبادة هو إنقياد عابد لأمر معبود فى أى حركة من حركات الحياة, لا تفهموا أبداً أن الإسلام مقصور على العبادة لأن هذه نغمة فى الغرب, يريدون أن يصبغوا بها الإسلام مخافة ما يترقبونه من نهضة الإسلام فى قيادة حركة الحياة فى الأرض, لأن الإسلام ميزته أنه جاء ليشمل حركة الحياة.
البعض يعتبر الإسلام موضوعه الآخرة, وهذا غير صحيح لأن الآخرة جزاء, والجزاء على الشئ غير موضوعه, موضوع الدين هو الدنيا, من أحسن العمل فيها جوزى فى الآخرة, الدنيا تقابلها الآخرة, والدين للإثنين: للدنيا: عملاً, وللآخرة: جزاء.
والتعبير الخاص بأن الدين يقابل الدنيا, جعل أهل الدنيا يكرهون الدين لأنه مقابل لها! وأهل الدين يكرهون أهل الدنيا, وهؤلاء فى خطأ! وهؤلاء فى خطأ, لأن الدين ما جاء إلا لينظم حركة الحياة على وفق منهج الله, ليخرج الناس من أهوائهم لكى تصلح حركة الحياة.
قولوا لهؤلاء الذين ينادون بأن الدين فقط هو صلاة وصيام!! قولوا لهم: لا تأكلوا خبز من خبز غيركم, ومن عجين غيركم, ولا تستفيدوا بزراعة غيركم, ولا صناعة غيركم وكل حركات الأرض تطبيقاً وعلماً وإستنباطاً ودراسة وأسراراً فى الكون.
ولا تركبوا مواصلة حديثة, ولا تغسلوا بالصابون, لا تأخذوا عمل الغير وأنتم لا تعملون, أنتم لا تفهمون دينكم حق الفهم, إن الدولة تقيم مدارس للحرفيين, والسباكين, والنجارين, والكهربائية وتقصر أن التفهم الناس شيئاً من دينهم الحنيف, الدين فى الدولة زاوية مهملة, حتى فى حياة الناس.
وضرب فضيلة الإمام الشعراوى - رحمه الله تعالى - أمثلة من حياة الناس توضح مدى أن الدسن زاوية مهملة: إذا الولد لم يذهب المدرسة, حرم من مصروفه, أو ضرب وأُهين من أبيه, ولكن إذا لم يصل أو كذب كانت النتيجة مسألة هينة, بسيطة, تمر بهدوء.
إذا دخل الرجل المنزل ووجد الحنفية "تنقط" ربما لا ينام قبل ان يحضر السباك لإصلاحها, أو إذا وجد الرجل ابنه رأسه مصدوعة لا ينام قبل إحضار الطبيب, ولكن لو حدث خلل فى دين الولد, أو قيمه, فالمسألة بسيطة, وتمر بلا ضجة, لماذا؟!
وقال الإمام الشعراوى: نعلنها عالية مدوية: لو خصت الدولة الدين كنظام ما جرؤ أحد أن يخرج على هذا النظام.

صفحة 218 من كتاب: (الفتاوى) لفضيلة الشيخ محمد متولى الشعراوى.. أعده وعلق عليه وقدم له: عبد الرحيم محمد متولى الشعرواى.. دار التوفيقية للتراث
●▬▬▬▬▬▬▬▬●۩۞۩●▬▬▬▬▬▬▬▬●

فتوى فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء فى حكم تعدد الجماعات والفرق

س / فضيلة الشيخ ؛ إضافة لحالة التردى ، تعيش الأمة الإسلامية حالة اضطراب فكرى خصوصاً فى ما يتعلق بالدين ، فقد كثرت الجماعات والفرق الإسلامية التى تدعى أن نهجها هو النهج الإسلامى الصحيح الواجب الاتباع حتى أصبح المسلم فى حيرة من أمره أيها يتبع وأيها على الحق ؟

ج / ((التفرق ليس من الدين ، لأن الدين أمرنا بالاجتماع وأن نكون جماعة واحدة وأمة واحدة على عقيدة التوحيد وعلى متابعة الرسول صلى الله ز ، يقول تعالى {إنَّ هَذه أمَّتُكم أمَّةً وَاحدَة وَأنا رَبُكم فَاعبُدُون} [الأنبياء :92] . يقول تعالى {وَاعتَصِمُوا بحبل اللَّه جَميعاً وَلا تَّفرَّقُوا} [آل عمران : 103] وقال سبحانه وتعالى {إنَّ الذينَ فَرَّقُوا دينهم وَكانُوا شِيَعَاً لستَ مِنْهُم فى شَئ إنَما أمْرُهُم إلى الله ثُمَّ ينبئهم بِمَا كانوا يَفعَلُون} [الأنعام : 159] فديننا دين الجماعة ودين الألفة والاجتماع ، والتفرق ليس من الدين ، فتعدد الجماعات هذه ليس من الدين ، لأن الدين يأمرنا أن نكون جماعة واحدة والنبى ز يقول : (المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضاً) ويقول : (مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد) فمعلوم أن البنيان وأن الجسد شئ واحد متماسك ليس فيه تفرق ، لأن البنيان إذا تفرق سقط ، كذلك الجسم إذا تفرق فقد الحياة ، فلا بد من الاجتماع وأن نكون جماعة واحدة أساسها التوحيد ومنهجها دعوة الرسول ز ومسارها على دين الإسلام ، قال تعالى: {وأنَّ هَذَا صِرَاطى مُسْتَقِيمَاً فاتَّبعوهُ وَلا تتبعُوا السُبُلَ فَتَفَرَّق بكم عَن سَبيْلِه ذَلِكم وَصَّاكم به لعَلكم تَتَّقون} [الأنعام:153] فهذه الجماعات وهذا التفرق الحاصل على الساحة اليوم لا يقره دين الإسلام بل ينهى عنه أشد النهى ويأمر بالاجتماع على عقيدة التوحيد وعلى منهج الإسلام جماعة واحدة وأمة واحدة كما أمرنا الله سبحانه وتعالى بذلك . والتفرق وتعدد الجماعات إنما هو من كيد شياطين الجن والإنس لهذه الأمة، فما زال الكفار والمنافقون من قديم الزمان يدسون الدسائس لتفريق الأمة ، قال اليهود من قبل : {آمِنوا بالذى أنزلَ عَلى الذِيْنَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ واكفرُوا آخِرَهُ لَعَلهُمْ يَرْجعُون} أى يرجع المسلمون عن دينهم إذا رأوكم رجعتم عنه ، وقال المنافقون : {لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُول الله حَتى يَنْفضُوا} {والذينَ اتخَذوا مَسْجدَاً ضِرَارَاً وَكفْرَاً وَتَفْريقاً بينَ المؤمنين}[1])

أقول : وفى الجملة فعلماء الإسلام وعلماء السنة فى السابق واللاحق لايجيزون هذا التفرق ولا هذا التحزب ولا هذه الجماعات المختلفة فى مناهجها وعقائدها ؛ لأن الله قد حرم ذلك وكذلك رسوله صلى الله عليه وسلم ، والأدلة كثيرة وقد سبق سردها فى مواطنها .
●▬▬▬▬▬▬▬▬●۩۞۩●▬▬▬▬▬▬▬▬●

إلى من يقولون بتطبيق الشريعة.. أى شريعة التى تريدونها؟؟ هل هى فقط شريعة جمع الأموال فقط من خلال ما يسمى بالزكاة والجزية وأنواع الضرائب الأخرى فى الإسلام؟؟؟ أم تطبيق الحدود والعقوبات المختلفة فى الإسلام؟؟ وما هى عقوبة مخترق مواقع الإنترنت فى الإسلام؟؟ هل لها نص دينى من القرآن والسنة؟؟ وما هى عقوبة من يقوم بتركيب رأس فتاة محترمة على جسد فتاة عارية؟؟ هل لها نص دينى من القرآن والسنة؟؟ وهل عندما تضعون القوانين.. هل ستطبقوها على الجميع بما فيها أنفسكم؟؟ أما ستطبقوها على الناس ولن تطبقوها عليكم مثلما تفعل السعودية التى تقول بأنها دولة إسلامية؟؟؟
إن أى قانون يتم تطبيقه على الجميع هو قانون إسلامى.. سواء كان قانون قد تم وضعه بناء على نصوص قرآنية وأحاديث أو تم وضعه بناء على قوانين أخرى وضعية تطورت عبر الزمن من خلال قوانين دينية فى الأساس..
فجريمة السرقة لها فى القانون الوضعى عقوبة السجن لعدة سنوات والتى كانت فى الأساس عبارة عن عقوبة دينية وهى قطع اليد ولكن العقوبة ذاتها تطورت عبر الزمن لتكون السجن لعدة سنوات.. فقد يثبت خلال سجنه أنه برئ وأن آخرون هم من قاموا بالوشاية عليه, ولكن إذا تم قطع يده وثبت بعد ذلك بأنه برئ.. فكيف تعوضه عن قطع يده.
إن القانون الوضعى ليس بأرحم من القانون الإسلامى, ولكن القانون الوضعى هو تطور للقوانين الدينية عامة, فلولا قيام الأديان بفرض عقوبة للسرقة, فقد كان من الممكن ألا يكون لها عقوبة الآن, ولكن العقوبات نشأتها دينية فى الأساس ولكنها تطورت لتواكب مستحدثات هذا العصر, ولا يجوز إعادة قانون من عصر سابق لمحاولته مواكبته فى هذا العصر.
فى الحديث الشريف: (عن عائشة رضى الله تعالى عنها أن قريشا أهمتهم المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا من يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن يجترئ عليه إلا أسامة حب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أتشفع في حد من حدود الله ثم قام فخطب قال يا أيها الناس إنما ضل من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق الشريف تركوه وإذا سرق الضعيف فيهم أقاموا عليه الحد وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها) [البخارى 6406] نجد أنه عندما قال النبى صلى الله عليه وسلم: (لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها) لم يكن قد قالها لتحديد عقوبة السرقة بقطع اليد.. فالقوانين متطورة كما سبق وأن أوضحت ولكنه قالها ليؤكد على أن العقوبات القانونية يجب أن تقع على الجميع حتى لو كانت إبنته, فهو لم يستثنى أهل بيته من العقاب ولم يستثنى أغلى من له فى هذه الدنيا وهى إبنته فاطمة من العقاب, وبالتالى فهو لا يستثنى نفسه أيضاً من العقاب وبالتالى فهو لم يستثنى المرأة المخزومية التى توسط إليه أسامة بن زيد فى أمرها من العقاب.. ولكننا نستثنى أنفسنا من العقاب عندما نضع القوانين؟؟ فهل تلك القوانين التى نضعها سواء وضعها شيوخ أو أستاذه فى القانون سيتم تطبيقه على الجميع أما لا؟
●▬▬▬▬▬▬▬▬●۩۞۩●▬▬▬▬▬▬▬▬●

فى السعودية يتم تطبيق القانون على الشعب وعلى الأجانب حسب قوة بلدهم (يعنى المصرى هناك لو عمل حاجة يجلدوه والأمريكى لو عمل حاجة يسيبوه) وأى حد من العائلة الملكية (من قريب أو بعيد حتى لو الفراش بتاع قصر الملك) لو عمل أى حاجة يسيبوه... وفى إيران كان نظام الحكم الإمبراطورى يعتقل ويسجن ويقتل بإسم (الخروج على الحاكم) وبعد أن جاءت الثورة الإسلامية أصبح النظام الجديد يعتقل ويسجن ويقتل (أيضاً) وتحت نفس المسمى تقريباً وهو: (الخروج على ولى الأمر) وطبعاً لا يتم تطبيق القانون على الحاكم... أهذا هو تطبيق الإسلام من وجهة نظرك؟؟؟
فى نظام ليبرالى حر فى ألمانيا على سبيل المثال (بالمناسبة مش إسلامى.. وإن كانوا يطبقون روح الإسلام الصحيح دون أن يدروا) الخمر ممنوع أثناء القيادة وقد تم ضبط إبن ميركل منذ عدة سنوات وهو يقود سيارته مخموراً فتم سجنه حسب القانون المطبق فى ألمانيا.. فهم هنا علموا بالحديث الشريف القائل: (لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها) مع الفارق طبعاً بين فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم وإبن ميركل.
أيهما أفضل: هل تطبيق الحدود الإسلامية على الناس دون الحكام.. أم أضع حدود موازية لتلك الحدود (معاصرة للعصر) وأطبقها على الجميع (شعب وحكام) مثلما يقوم الغرب؟؟؟ وأيهما إسلامى أكثر من الآخر؟؟؟
أنا أرى أن النظام الغربى إسلامى أكثر (وقد تخالفنى الرأى فى ذلك)... فهو يقوم بالعدل والمساواة بين الناس والحكام.. ففى النظام الإسلامى الصحيح: الشيخ يحاسب أكثر من الشخص العادى لأنه يعرف الدين ولم يعمل به.. والحاكم يحاسب اكثر من الشخص العادى لأنه المتكفل به وبرعايته فإذا سرق الشخص العادى يكون الحاكم مسئولاً لأنه هو الذى أوصله إلى هذا الطريق بأن ضيق عليه المعايش وما إلى ذلك... وبالتالى فالنظام الغربى فى القوانين هو نظام إسلامى نحن جهلاء به.
●▬▬▬▬▬▬▬▬●۩۞۩●▬▬▬▬▬▬▬▬●

يقول د. محمد السعيد مشتهرى مدير مركز دراسات القرآن الكريم فى جريدة المصرى اليوم فى مقال بعنوان (جمعة الشريعة الإسلامية) يوم 4 أغسطس 2011م تعليقاً على الجمعة التى أقامها أصحاب الجماعات الإسلامية فى ميدان التحرير للمطالبة بتطبيق الشريعة:
لقد انقسم المسلمون، بعد وفاة النبى، عليه الصلاة والسلام، إلى فرق ومذاهب عقدية مختلفة، يعلمها جيدا أئمة وعلماء هذه التيارات «الدينية المذهبية»، وفى مقدمة هذه الفرق الإسلامية: أهل السنة، والشيعة، والمعتزلة، والخوارج.. وكلها مصنّفة فى أمهات كتب الملل والنحل تحت اسم «الفرق الإسلامية»، لم تخرج واحدة منها من الإسلام. فهل أجمعت هذه الفرق الإسلامية، فى يوم من الأيام، على أحكام «الشريعة الإسلامية» المراد تطبيقها؟!! فليخرج أئمة وعلماء هذه الفرق إلى الناس، ويبيّنوا لهم أين ومتى حدث هذا الإجماع!!
وأيضا، انقسمت كل فرقة من هذه الفرق الإسلامية إلى «مذاهب دينية» مختلفة. فعلى سبيل المثال، انقسم «أهل السنة» إلى مذاهب مشهورة هى: المذهب الحنفى، والمالكى، والشافعى، والحنبلى، فهل أجمعت هذه «المذاهب الفقهية المختلفة» على أحكام «الشريعة الإسلامية» المراد تطبيقها؟!! فليخرج أئمة وعلماء هذه «المذاهب المختلفة» إلى الناس، ويبيّنوا لهم أين ومتى حدث هذا الإجماع!!
ويستطرد قائلاً:
واللافت للنظر أن يستند هؤلاء إلى رواية منسوبة إلى النبى، عليه الصلاة والسلام، وُضعت خصيصا لتقال فى مثل هذه الظروف، لتبرير تفرقهم وتخاصمهم على مر العصور، تقول: «اختلاف أمتى رحمة»!! وعلى الرغم من قول الشيخ الألبانى فى [الأحاديث الضعيفة] إن هذا الحديث لا أصل له، إلا أنهم لا يزالون يرفعون رايته!!!
فكيف يكون تفرق المسلمين وتخاصمهم رحمة، وقد قاتل [الشافعية – الحنابلة] ببغداد عام [475هـ]، ونفس الفتنة وقعت بينهما عام [716هـ] حيث كثر ‏القتل، وحرق المساكن والأسواق فى أصبهان. وقاتل [الحنفية – الشافعية] فى نيسابور عام [554هـ] وأحرقت الأسواق والمدارس، وقُتل من «الشافعية» الكثير، مما جعلهم يسرفون بعد ذلك فى الأخذ بالثأر؟!! إن هذه الأحداث ما هى إلا مجرد مثال.
إذن فعلى أى أساس شرعى رضى أصحاب هذه التيارات الدينية أن يكونوا أحزابا، لكل منهم مذهبه، ومرجعيته الدينية، ومنبره الدعوى، ومنصته الخاصة به فى ميدان التحرير؟!!
وعلى أى أساس شرعى انقسمت المساجد [التى هى لله] إلى مساجد «أنصار سنة محمدية»، لها إمامها وعقيدتها الخاصة بها، ومساجد «جمعية شرعية، لتعاون العاملين بالكتاب والسنة»، لها إمامها، وعقيدتها الخاصة بها، ومساجد «أوقاف»، ومساجد «أزهر»...؟!!
ألم يشهد تاريخ الجامع الأزهر أن فريضة الصلاة كانت تقام أربع جماعات، لكل جماعة إمامها، حسب ترتيب أئمة المذاهب الفقهية؟! فأتباع المذهب الحنفى يصلون أولاً، يليهم المالكية، يليهم الشافعية، ثم الحنابلة، فلما تولى الشيخ المراغى مشيخة الأزهر أوقف هذه المأساة.
وإذا كانت الحركات و«التيارات الدينية» قد شهدت قبل ثورة 25 يناير «تفرقا وتشرذما واختلافا» كما صرح بذلك الدكتور محمد يسرى، أمين عام الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، فى حواره مع جريدة الأخبار [29-7-2011] فكيف ستجمع هذه الهيئة كل هذه التيارات «الدينية المذهبية» المختلفة بعد الثورة تحت مظلة واحدة، وتاريخها السياسى المذهبى، منذ عصر «الفتن الكبرى» وإلى يومنا هذا، يشهد باستحالة ذلك.
ثم عندما يتحدث د. محمد يسرى عن القضاء، فى ظل حكم الإسلاميين، ويقول: «إن القضاء يحكم بين الناس وفقاً للشريعة الإسلامية، وتكفل الدولة استقلاله، وتوقع عقوبات الحدود الشرعية فى جرائم الزنى والقذف والسرقة والحرابة وشرب الخمر والردة، وتصدر الأحكام وتنفذ (باسم الله الرحمن الرحيم)، ولا يخضع القاضى فى قضائه لغير الشريعة»... إلى آخره، إذن فأى مذهب دينى سينفذ القاضى شريعته.
●▬▬▬▬▬▬▬▬●۩۞۩●▬▬▬▬▬▬▬▬●

الجماعات الإسلامية والنهضة المصرية:
إن سعر المتر الواحد من اللوحة الجلدية تتكلف حوالى ما بين 15 إلى 25 جنيه حسب جودة الجلد.. وعندما نمشى فى شوارع مصر المختلفة هذه الأيام سنجد فى كل شارع تقريباً لوحة كبيرة ما بين أربع أو خمسة أمتار للدعاية لحزب الجماعة الدينية سواء سلفية أو إخوانية.. هذا بالإضافة إلى الإعلانات الورقية.. بالإضافة أيضاً إلى الإعلانات بالصحف والتلفزيون والتى تتكلف آلاف الجنيهات.. مما يعنى أن هذه الجماعات الإسلامية تمتلك المال الوفير.. ومع ذلك فلم تفكر أى من هذه الجماعات والتى يرجع تاريخ إنشاء بعضها إلى أواخر العشرينات فى إنشاء أى مشاريع تنموية أو نهضوية أو علمية أو إجتماعية فى هذا الوطن.. ولكن إنصب كل إهتمامهم على الوصول للسلطة فقط لا غير.. فما كان إلا أن ناصبهم النظام العداء وناصبوه العداء.. وظل إنشغالهم الشاغل وتفكيرهم المستمر هو الوصول إلى السلطة.. فى حين كان بإمكانهم النهوض بهذه البلاد.. إن كانوا حقاً يهمهم مصلحة هذا الوطن.
●▬▬▬▬▬▬▬▬●۩۞۩●▬▬▬▬▬▬▬▬●

الجماعات الإسلامية والديمقراطية:
هم ليس عندهم ما يسمى بالديمقراطية من الأساس.. على عكس ما يتلفظون بأنهم يدعون إلى الديمقراطية.. فهم يقومون بترشيح الشخص الذى يمثلهم بالأمر وعليه تنفيذ الأمر وترشيح نفسه.. وممنوع على أحد آخر من الجماعة أن يقف أمام الشخص الذى إختاره الجماعة فى الإنتخابات.. ويأمرون أيضاً أعضاء الجماعة بإنتخاب الشخص الذى إختاروه حتى لو لو يكن من الجماعة من الأساس.. فطالما إختارته الجماعة.. فيجب على الجميع التنفيذ بلا مناقشة.

فأين إذاً الديمقراطية وحرية الإختيار إذا كان إختيار المرشح سيكون بالأمر.. وإنتخابه بالأمر أيضاً.

وما على أعضاء الجماعة إلا أن يسيروا وراء الجماعة فيما تأمر.. وكأنهم كالقطيع.. يسيرون أينما يريد صاحبهم.. فنجد أعضاء هذه الجماعات يقولون: إللى فوق يختاروا المرشح.. وإحنا علينا (الجماعة) ننتخبه
يعنى مفيش إنك تختار واحد تشوف إنه أصلح.. لازم تختار مرشح الجماعة
إمن من يفكرون بهذه العقلية.. لا يمكن القول بأنهم يعرفون ما يسمى بالديمقراطية.. وحرية الإختيار والتعبير عن الرأى.. فالرأى رأى الجماعة والشورة شورتها.
●▬▬▬▬▬▬▬▬●۩۞۩●▬▬▬▬▬▬▬▬●

ما معنى حزب تملكه جماعة دينية:
إن اللذين يقولون أن الجماعة الدينية مستقلة تماماً عن الحزب.. وأن الحزب هو حزب مدنى وليس دينى يريدون التلاعب بعقولنا وكأننا من الجهلاء.. فما معنى حزب تملكه جماعة؟؟؟.. معنى ذلك أن رئيس الحزب (طرطور).. يتبع رئيس الجماعة.. فرئيس الحزب بما إنه ضمن جماعة.. فإنه لا يستطيع مخالفة شيوخ الجماعة أو مرشد الجماعة.


المراجع:
مقال سابق لى بعنوان: هل ترضى أن تكون مصر دولة غير إسلامية

كتاب الموسوعة: المصطلحات السياسية والبرلمانية      محمد محمد عتريس إبراهيم   مكتبة الآداب 2011م
كتاب (الفتاوى)     لفضيلة الشيخ محمد متولى الشعراوى.. صادر عن دار التوفيقية للتراث
كتاب إسلام بلا مذاهب   للدكتور مصطفى الشكعة    مكتبة الأسرة - الهيئة العامة المصرية للكتاب 2005م
كتاب الموسوعة 2010      مجدى سيد عبد العزيز        مكتبة الآداب 2010م
موقع الشيح إبن العثيمين رحمه الله http://www.3llamteen.com
مقال بعنوان (جمعة الشريعة الإسلامية) محمد السعيد مشتهرى مدير مركز دراسات القرآن الكريم فى جريدة المصرى اليوم فى يوم 4 أغسطس 2011م.
●▬▬▬▬▬▬▬▬●۩۞۩●▬▬▬▬▬▬▬▬●