حوار أديان

توضيح وتصالح




توضيح وتصالح

كنت أسمع من زملائى فى الدين الإسلامى أشياء عن المسيحيين لا تسر عدو ولا حبيب.. ثم قرأت فى بعض المواقع المسيحية كلاماً عن المسلمين أيضاً لا يسر عدو ولا حبيب .. فهل نحن أمة تسعى فى داخلها إلى الإختلاف؟!
ولأننى أعرف دينى جيداً وأعرف أن ما تكتبه معظم هذه المواقع هو غير صحيح .. فلم يهتز دينى .. ولكننى تواصلت فى قراءاتى المسيحية .. ووجدت أيضأ أن بعض ما يقال عن المسيحيين من قبل المسلمين هو أيضأ غير صحيح .. ووجدت أن المشكلة الأساسية فى الآتى:
أن أحداً لم يقرأ عن الآخر .. ولكنه سمع فقط .. ولم يقرأ .. وإن قرأ فإنه يقرأ كتبه فقط عن الآخر .. وليس كتب الآخر عن نفسه.. وبالتالى فهو لم يعرف وجهة نظر الآخر ورؤيته .. وهناك مشكلة أخرى .. وهى مشكلة التفسير .. فعندما تقرأ آية فى الكتاب المقدس وأنت مسلم قد تأخذها بالمعنى الحرفى .. فى حين أنك إذا قرأت كتب المفسرين عن هذه الآية فقد تقرأ تفسيراً مختلفاً تماماً عما فهمته من قراءتك الشخصية .. وكذلك الحال مع القرآن..
ففى التوراة مثلاً فى العهد القديم تك 27 نجد ه يقول (فخلق الله الإنسان على صورته. على صورة الله خلقه. ذكراً وأنثى خلقهم)
والقارئ للآية قد يقول بأنها تشير إلى أن الله قد خلق آدم على نفس الهيئة التى عليها الله وأن الله هو ذكر وأنثى فى جسد واحد. وأن الإنسان الأول قد خـُلِق كذلك ثم إنفصلت منه حواء .. إلا أننى قرأت بأن الله قد خلق الإنسان على نفس صفاته الأخلاقية وليست الجسدية.. ثم إتضح لى تفسير آخر من قراءتى الشخصية للآية وهو أن الذى خلقه الله هو الإنسان والإنسان إما ذكر او أنثى ولم تحدد الآية بأن المقصود من هذه الآية هو النبى آدم بدليل قولها فى نهاية الآية (خلقهم) وهى جمع وليست مفرد , وبالتالى يكون معنى الآية بأن الله قد خلق الإنسان أى الناس الموجودين على الأرض على هيئتهم التى نراها عليهم وليس على هيئة الله "سواء الجسدية أو الأخلاقية", أى خلق الله الإنسان على الصورة التى نراه عليه .. ثم قال (ذكر وأنثى خلقهم) وفى ذلك جمع يدل على أشخاص وهم البشر الذين خلقهم الله فى هذه الآية .. وليس آدم..
وكما هو الحال مع التوراة فكذلك الحال مع الإنجيل .. فهناك من يرى أن المسيح إبن الله حق أى مولود من خلال الله .. وهناك من يرى أنه إبنه روحياً أى أن الله قد تبناه ورعاه كإبنه وهناك من يرى بأنه بشر عادى وأن إبن الله هو نوع من التكريم والتعزيز لنبى الله عيسى أو يسوع..
أما بالنسبة للقرآن فما يقع على الإنجيل والتوراة يقع أيضاً عليه .. فالمشكلة الأساسية هى مشكلة فهم وتفسير حتى أننا كمسلمين نختلف حول تفسير بعض الآيات .. وخصوصا آيات الحروف المتقطعة فى بدايات بعض الصور .. حتى أن الآيات الأخرى قد إختلف بعض المفسيرن فيها على حسب تصورهم للآية .. وهو فى ذلك مثل الإختلاف الذى حدث بين قراءة الشخص العادى للآية 27 التى ذكرتها من سفر التكوين فى التوراة وبين تفسير أحد المفسرين من أهل الكتاب لها وبين تفسيرى الشخصى لها .. وبين التفسيرات الثلاثة إختلافاً كبير ..
ما مضى ما هو إلا توضيح ومصالحة يجب أن تتم بين الأديان الثلاثة (اليهودية والمسيحية والإسلام) فكل ما هو حرام أو حلال فى دين هو كذلك فى الآخر .. فالعقيدة واحدة ولكن الإختلاف فى التسميات وطرق العبادات وهى أشياء بين العبد وربه وليست بين الشخص والآخر .. ولتكن خلافاتنا سياسية وتاريخية وثقافية وفنية وكروية .... إلخ ... ولكن لا يجب أن تكون خلافات دينية فالدين هو من عند الله .. وحتى وإن رأى شخصاً عند الآخر إختلاف فإما أن يذكره بأسلوب سليم لا يشعل به الفتنة بين الأديان .. أو ليصمت حتى لا تكون فتنة بين الناس (مسلمين ومسيحيين ويهود)..


أشرف السيد الشربينى
http://h-adyan.blogspot.com