حوار أديان

هل ترضى أن تكون مصر دولة غير إسلامية؟

هل ترضى أن تكون مصر دولة غير إسلامية؟

الباحث: أشرف السيد الشربينى

سؤال غريب طرحته إحدى الأوراق الذى يقوم بتوزيعها بعض الشباب التابعين لجماعة أهل السنة فى المنصورة؟؟
و حين قرائتى لعنوان الورقة الذى يحمل هذا السؤال: (هل ترضى أن تكون مصر دولة غير إسلامية؟) سألت نفسى: (أمال إحنا دولة إيه؟؟؟ بوذية؟؟؟)..
مشكلة التيارات الإسلامية أنهم لا يعرفون أبسط التعاريف السياسية فيقومون بالتفريق بين الدولة المدنية والدولة الإسلامية كأنهما شيئان مختلفان لنوع واحد من الأشياء والحقيقة أنهم لنوعان مختلفان.. فعندما نقول دولة خلفاء أو دولة أموية أو دولة عباسية أو دولة طولونية أو حتى دولة مدنية فكلها دولة إسلامية.. فالفرق بين الدولة المدنية والدولة والإسلامية كالفرق بين السكر والشاى فى كوب ماء حيث نفترض أن السكر المذاب فى الماء وجعله ماءاً مسكراً هو الدولة الإسلامية والنظام الذى يحكم فى ظل هذه الدولة الإسلامية هو الشاى أو الدولة المدنية..
فإذا كان هدفهم هو أن تحكم مصر جماعة دينية فأى الجماعات التى ستحكم إن مصر بها العديد من الجماعات بينهم العديد من الخلافات والإختلافات فى الأفكار والرؤى.. فإذا حكمت أحدهما فهل ترضى عن هذا باقى الجماعات؟؟.. ولماذا إذاً لا نقول بأن يحكمها رجال من الأزهر الشريف طالما أننا نريد أن يحكمها أشخاص من أهل الدين؟؟.. وهنا يقول قائل: (وهو بتوع الأزهر ليهم فى السياسة؟؟ دول بتوع دين وبس).. فهل الآن نتذكر أنهم دينيون فقط؟؟؟!!!!
المنشور الذى تم توزيعه فى المنصورة


لقد قام شباب التحرير بعمل هذه الثورة ورفضوا منذ البداية أن تكون إلا مدنية هاتفين: (لا عسكرية ولا دينية.. عايزنها مدنية) والآن بعد أن قام شباب مصر من مختلف الطوائف بعمل ثورتهم.. تريد الآن طائفة بعينها الإنقضاض على هذه الثورة وأخذ مكاسبها لنفسها.. من خلال سؤال خبيث: (هل ترضى أن تكون مصر دولة غير إسلامية؟) وكأننا لسنا فى دولة إسلامية بنص المادة الثانية من الدستور والذى ينص على أن: (الإسلام دين الدولة, واللغة العربية لغتها الرسمية, ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع).. وإن كان هناك فى التشريع ما يخالف الدين فليتقدم أحد المحامون من أهل هذه الجماعات بطلب إحاطة حول مواد القانون المخالفة للتشريع مستنداً على المادة 2 من الدستور والتى لن تتغير فى الدستور الجديد الذى سيقوم القائمون على الدستور الجديد بوضعه.. وذلك مثلما فعلت الكنيسة المصرية فى تعديلها لقانون الأحوال الشخصية الخاص بالأقباط..
لقد كنت أعرف أحد الأصدقاء من هذا التيار الدينى (جماعة أهل السنة) وكان فى كلية الحقوق.. وما إن إتجه لهذه الجماعة حتى ترك الدراسة فى كلية الحقوق ولم يكمل دراسته فيها بحجة أن كلية الحقوق تعطى تعليم مدنى.. وأن المحامون يقومون برفع القضايا والدفاع عن الظالم لتبرئته.. ونسى صديقى هذا أن هناك هناك من المحامون الشرفاء من لا يقبلون إلا القضايا التى يكونوا متأكدون بأن أصحابها أبرياء.. ونسى أيضاً أن ترك الكلية لوجود خلل فى منظومة مناهجها هو هروب وأنه كان عليه أن يكمل حتى يقوم من خلال ما تعلمه من القانون بالمطالبة كمحامى بعمل إحاطة حول ما هو مخالف للشريعة إستناداً على المادة الثانية من الدستور.. ولكنه ترك المنكر ولم يغيره وتفرغ لطلب العلم من خلال هذا التيار الدينى.. وهو لا يعمل ويصرف أخاه عليه حتى أن أخاه هو من يبنى له شقته بحجة أنه متفرغ لطلب العلم ناسياً أنه روي عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه دخل المسجد، فوجد رجلاً لا يغادر المسجد وباقٍ فيه باستمرار، فسأله: من ينفق عليك؟ فقال: أخي. فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أخوك خيرٌ منك)... (أعرف أن البعض سيهاجمنى قائلاً بأن هذا ليس بحديث ولكن السنة دلت على شرعية الكسب، وأنه لا ينبغى له الجلوس فى المسجد، بل يذهب يكتسب يطلب الرزق، فالذى يطلب الرزق أفضل من الذى يجلس فى المسجد ولا يطلب الرزق)... فلو كان أهل هذا التيار كلهم على نفس هذا الشاكلة فيا مصيبتنا فى مصر إذا أمسكها هؤلاء..

والسؤال الأن هو عن شرعية الجماعات فى مصر؟؟
يقول الله عز وجل فى القرآن الكريم: (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ).. فهل تفرق التيارات الإسلامية إلى جماعات هو إعتصام وعدم تفرق.. متى يمكن أن يكون هناك جماعات إسلامية؟؟ يكون ذلك حينما تكون الدولة غير إسلامية ويريد كل مجموعة من المسلمين فى منطقة معينة عمل تجمع إسلامى (وليس جماعة) حيث يقوم هذا التجمع بالإجتماع فى مسجد واحد ودراسة شئون الدين دون أن يكون هناك قائد لهذا التجمع الإسلامى.. ولكن عندما تكون الدولة فى الأساس إسلامية.. فلماذا تقوم جماعة إسلامية؟؟ لماذا يتم إقتطاع جزء من الكتلة الإسلامية الكبيرة وهم المسلمون فى مصر لعمل جماعة لها أهدافها الخاصة؟؟ لماذا لا يقوموا بمناقشة أمور الدين تحت سقف إسلامى واحد وتكون المناقشة والإختلاف فى الرأى على مستوى الدين فقط وليس على مستوى الدين والجماعات المختلفة؟؟ فحينما تكون مناقشة الأمور الدينية على مستوى الدين فقط ويكون هناك إختلاف ما, فإن لكل مسلم أن يختار النهج الذى سيسير عليه.. أما عندما يكون الإختلاف على مستوى الجماعات فإنه من السهل جداً حدوث التنازع بين الجماعات وقد يصل الأمر إلى تخطئة بعض الجماعات لبعضها وقد يصل الأمر إلى التكفير..
يقول الله عز وجل فى كتابه الكريم: (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ).. وإقتطاع كل فئة لجزء من المسلمين وتسميتهم بجماعة معينة هو عصيان صريح لنص الآية القرآنية.. ومن هنا لا أطالب النظام السياسى بحل هذه الجماعات فحلها من خلال النظام السياسى سيكون من خلال إعتقال قادتها لحل جماعاتها وهذا لا نرضى به.. ولكن أرجوا من قادة هذه الجماعات لصالح الإسلام والمسلمين أن يقوموا بحل جماعاتهم.. ولا يتمسكوا بكراسيهم مثلما يتمسك الحكام بكراسيهم.. وأن يعلموا أن هذا فى صالح الإسلام والمسلمين.. فيجب مناقشة أمور الدين تحت سقف إسلامى واحد.. فلا نقول : (الشيخ فلان شيخ الإخوان المسلمين) ولكن نقول: (الشيخ فلان شيخ المسلمين).. ولا نقول: (الشيخ فلان شيخ جماعة أهل السنة) ولكن نقول: (الشيخ فلان شيخ المسلمين).. وهكذا..


المشكلة فى السلفيين أنهم جماعات يحركهم عقل مدبر كما يريد.. والإسلام ضد قيام الجماعات فالقرآن الكريم يقول: (وإعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا)... أما ما يحدث فهو تفرقة للدين وليس تجميع.. كل واحد يأخذ مجموعة من المسلمين ويسميهم (جماعة).. حتى ظهر عندنا العديد من الجماعات مثل الإخوان المسلمين وجماعات السلفيين وهى كثيرة ومنها: جماعة الجهاد وجماعة أهل السنة وغيرها... فأين إذاً (الإعتصام بحبل الله وعدم التفرق)؟؟؟... إذا كان هناك من يريد الدعوة فليدعوا إلى وجه الله تعالى دون إنشاء جماعة.. ولكنهم لا يريدون الدعوة لوجه الله بل يريدون مصالحهم الشخصية ولذلك يقومون بإنشاء الجماعات حتى يمكنهم السيطرة على من فيها والتحكم فيهم.. وبذلك فالتسمية الصحيحة للجماعات هى (الفرق) وليس الجماعات فهى تفريق للدين.. وبالتالى فعلينا أن نضع الأمور فى نصابها الصحيح وأن نسميهم بالفرق كما ذكرت.. كأن نقول: (فرقة الإخوان المسلمين) وليس (جماعة الإخوان المسلمين).. (فرقة أهل السنة) وليس (جماعة أهل السنة).. (فرقة الجهاد) وليس (جماعة الجهاد)..


ماذا يعرف السلفيين والإخوان ولا حتى علماء الأزهر عن السياسة؟؟؟
لما واحد سلفى يسيب كلية الحقوق ويتجه لحضور الدروس الدينية مكفراً كلية الحقوق قائلاً بأنها تدرس قانون مدنى كافر.. يبقى إزاى يعرفوا قوانين وسياسة ودساتير.. إذا كان القانون مدنى والدستور بيقول لك إن التشريع الإسلامى مصدر القوانين شوف المواد المخالفة فى القانون وبنص المداة التانية من الدستور إرفع قضية لتعديل مواد القانون إللى معارضة للدين وساعتها تبقى غيرت منكر مش سيبته ومشبت.. للأسف ده تفكير كتير من السلفيين.. يبقى إزاى عايزنى أمشى وراهم.. ده لو مشيت وراهم وهما بالشكل ده يبقى هايرجعونا مليون سنة ورا..
بالنسبة للإخوان فهم معروفون بأنهم يسعون وراء مصالحهم فقط و يبررون أعمالهم بالدين وكل من يقف ضد مصالحهم فهو كافر.. هم يريدون الوصول إلى مجلس الشعب حتى لو تحالفوا مع الشيطان.. فقد تحالفوا مع شباب الثورة من أجل إسقاط النظام وبعد أن سقط النظام.. قالوا للشباب (مع السلامة.. إنتوا كدة عملتوا إللى عليكوا.. يلا بقى روحوا)... ثم تحالفوا مع السلفيين إللى طول عمرهم فى خلاف مع بعض طوال عهد حسنى مبارك.. وياما عملوا تحالفات مع أحزاب فى عهد مبارك من أجل الوصول فقط إلى مصالحهم الشخصية.. وأضف إلى ذلك أنهم يلغون إرادتك فعندما يتخذ المرشد قرارا لابد وأن يلتزم به جميع الإخوان.. وعندما يكون هناك رأى لابد وأن يكون رأى كل الإخوان.. وإذا إختلف رأى أحدهم تكون مشكلة كبيرة لأن الصحف حينها ستقول بأن هناك شقاق بين صفوف الإخوان وهم يريدون أن يظهروا كصف واحد حتى ولو تم فرض الرأى والذى هو ضد الديمقراطية.. للأسف: الإخوان الذين يقولون بأنهم يطالبون بالديمقراطية هم عقبة أمام الديمقراطية فى مصر... الديمقراطية فى نظرهم أن تمنع أعضاء الجماعة أن ينضموا لأى حزب آخر سوى الحرية والعدالة (فين حرية الإختيار؟) وأن يلتزم الإخوان جميعاً برأى واحد فقط (فين حرية الرأى؟).. فأين الديمقراطية التى يطالبون بها فى ذلك القرار؟؟؟؟؟؟.....
أما الأزهر فيكفى أنهم يسيرون حسب توجيها رئيس الجمهورية منذ القدم وليس لهم رأى سياسى خاص بهم.. نعم هو أكبر مؤسسة دينية فى مصر بل والمرجعية الدينية للمسلمين فى العالم كله.. ولكن فى السياسة فهذا أمر آخر.. طول عمرهم بيدعوا للحاكم فى المنابر..حتى وهما عارفين إنه فاسد.. والحاكم يقوم بتعيين شيخ الأزهر وبالتالى لو شيخ الأزهر عارض الحاكم يبقى الحاكم هايشيل شيخ الأزهر ويعين واحد تانى.. تقول لى أمشى وراهم فى الدين أمشى وأنا مغمض وهابقى واثق إنى ماشى صح.. إنما فى السياسة يبقى أنا ضعت
....
إختصاصك دين يبقى إتكلم فى الدين..إختصاصك سياسة يبقى إتكلم فى السياسة.. إختصاصك طبخ يبقى إتكلم فى الطبيخ... ما يجيش شيخ من السلفيين يقول فى قناته بإنه لا يجوز الخروج على ولى الأمر (الحاكم) وبعد الثورة يجرى على الإخوان ويأيدهم  بعد ما كانوا ألد الأعداء(علشان عارف إنهم منظمين وممكن يوصلوا للحكم) ويدعوا الناس للتصويت (نعم) ويدخل الدين فى السياسة من أجل مصلحة السلفيين مع الإخوان... للأسف لقد أدخل هذا الشيخ نفسه فى ما ليس له فيه إختصاص فسقط من نظر الجميع عدا السلفيين طبعاً الذين يقدسون كلماته ويتبعونها وكأنها تخرج من بين أفواه إله..

إحموا مكاسب الثورة:
لقد قامت الثورة ويريد أصحاب بعض التيارات القفز فوق مكاسب هذه الثورة لأنفسهم.. ولذلك فأنا أطالب أن يوضع فى شروط الترشيح لمنصب رئاسة الجمهورية وكذلك الترشيح لمجلس الشعب أن يكون المرشح إما مرشح حزب أو مستقل لا ينتمى لأى تيار دينى بعينه.. وعلى أصحاب التيارات الدينية التى ترغب فى عمل أحزاب سياسية أن تحل جماعتها أولاً حتى لا يستمد الحزب مرجعيته من خلال الجماعة المنشئة له.. وذلك حماية لمكاسب الثورة التى قامت بها مصر من أن يقوم أصحاب تيار دينى معين بالإستحواذ عليها..
إننى ضد أن يكون للجماعة حزب سياسى.. فإما ألا يقوموا بعمل هذا الحزب وإلا أن يتركون الجماعة ويقومون بتأسيس هذا الحزب وإما أن يقوموا بحل الجماعة وإنشاء حزب.. أما أن تقوم الجماعة بعمل حزب فهذا معناه أن رئيس الحزب سيأخذ تعليماته من المرشد العام للجماعة فهو لا يستطيع معارضة المرشد العام.. وبالتالى يكون المرشد العام هو المتحكم فى الحزب ورئيسه وكأنه يتحكم بهم بريموت كنترول.. فإذا كنا نقول بأن الدستور لا يسمح بحزب على أسااس دينى.. فإننا نجد هنا الجماعة تقوم بعمل حزب دينى من خلال الإلتفاف على الدستور بحزب سياسى تتحكم فيه جماعة دينية.. وبعد أن يصلوا لمجلس الشعب القادم سيكون الدستور فى أيديهم ليغيروه ليكون مسموحاً للتيارات الدينية أن تشارك فى العملية السياسية.. وحينها سنجد جماعات دينية منظمة بعضها متطرفة (إخوان وسلفيين والجماعة الإسلامية والجهاد... وغيرها) قد إستطاعت السيطرة على مجلس الشعب وبالتالى السيطرة على مصر.. لتكون ثورتنا فى النهاية قد إستطاعت التخلص من فساد الحزب الوطنى لتدخل مصر فى متاهات مسدودة من التطرف الدينى..